جماليات الادب من وحي القرآن



(جماليات الأدب من وحي القرآن)، ورقتي في ندوة: (جماليات النص الأدبي) في النادي الأدبي بالرياض 12/1/1436 هـ - 5/11/2014 م السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله حمدا لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، والصلاة والسلام على خير المصطفين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد، أما بعد: عُقدت يوم الثلاثاء، ندوة تحتضن بها بديع الكٓلِم، كـان لشاعرنا، ياسر العتيق الجزالة في الحديث والنصيب من أريحيّة اللفظ، والقُرب الديني والعُمق القلبي. من هُنـا بدأت انطلاقة تلك الدرر المكنونة . بادئاً ذي بدء، أود أن أشكر النادي الأدبي على دعوته للمشاركة مع الأستاذ الشاعر عبدالله الرشود في هذه الندوة الجميلة، وأسال الله أن أكون عند حسن ظنكم وأن أُفيد وأستفيد. وسأتكلم في هذه الندوة – إن شاء الله – عن جماليات النص الأدبي من حيث ماهيته وأسلوبه، في جميع النصوص الأدبية: شعر، قصة، رواية، خاطرة، مقالة، خطبة، وغيره، وأحب أن أبدأ بمقدمة أتنقّل خلالها حتى أصل إلى النقاط التي أود الحديث عنها، فأقول مستعينًا بالله: قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص 29]، وحتى يحصل التدبر قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) [الشعراء 193 - 195]، وقال: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْءآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت 3]، وقال: (قُرْءآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الزمر 28]، وقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْءآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف 2]، وقال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا) [الشورى 7]. من هذه الآية الآخرة ستخرج فائدة بلاغية او فائدة مهمة في تاريخ اللغة، من يعرف الجواب..؟ الجواب: أن القرآن نزل بلهجة أو لكنة قريش، ووجه الاستشهاد قوله تعالى: (لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ)، ونزول القرآن المعجز بلهجة قريش رغم أن لهجات العرب في ذلك الوقت كانت كثيرة، لأنها كانت اللهجة المفهومة لدى جميع العرب، والسبب في ذلك هو أن جميع العرب منذ القدم بعد أن سكنتها قبيلة جرهم وبعد بناء الكعبة، كانوا يقصدون مكة من أجل الحج والتجارة، وكان الشعراء في سوق عكاظ يحتكمون للنابغة الذبياني وكان يحكم بينهم بلهجة قريش، وممكن أن نسميها مجازًا باللهجة البيضاء المفهومة لدى الجميع. وهو ما أريد الوصول إليه قبل أن أنتقل لما بعده: جمال النص الأدبي يكون ببساطته وعدم التكلفة، وقمة البلاغة في البساطة بلغة مفهومة للمخاطبين، ولذلك لما عجز الأدباء عن تعريف البلاغة عرفها ابن المقفع بتعريف عجيب فقال: هي التي إذا سمعها الجاهل أعجبته، وظن أنه يحسن مثلها، وهو ما يسمى بالسهل الممتنع. عندما نسمع أبا تمام: تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنه - ثناها لقبضٍ لم تُجِبهُ أنامِلُهُ ترَاه إذا ما جئته متهللا - كأنَّك تُعطيهِ الذي أنتَ آمِلُهُ ولو لم يكن في كفه غيرُ رُوحِهِ - لجاد بها فليتقِّ اللهَ سائلهُ هو البحر من أيّ النواحي أتيتَهُ - فلُجّتُهُ المعروفُ والجودُ ساحلُهُ وعندما نسمع من المعاصرين قول الشاعر تميم البرغوثي: مرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا- عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ - فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ - إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها - تُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه - فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً - فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها تجد أن المعنى واضح بألفاظ قريبة للمتلقي وعميقة جدا، وشخصيًا أفضل أن يعتمد الشاعر على أذنه في كتابة القصيدة عن طريق تلحين البحر، ولا مانع من استخدام العروض كأداة مساعدة. ولكن هناك مشكلة، قد يقول قائل: في القرآن الكثير من الألفاظ التي لم يعرفها الصحابة مثل قول ابن عباس: كنت أجهل معنى قول الله تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ)[الانفطار 1]، حتى اختصم لدي أعرابيان في أرض، فقال أحدهما: أنا فطرتها، فعرفت معنى الكلمة؟ وهي التكوين والإنشاء على غير مثال سابق الجواب: أن البساطة وسهولة المفردة تختلف باختلاف ما يملكه المتلقي من معرفة ولغة، فتختلف من متلقي إلى متلقي، وما يخفى على عمرو لا يخفى على زيد، ولكن في الجملة تكون البساطة وسهولة المفردة عامة في النص الأدبي، وريكون الغموض في جزئيات يسيره، وأحيانا يضطر الأديب والكاتب إلى الغموض لتمرير ما لا يستطيع تمريره صراحة وهذا كثير في كلام العرب، مثل قصة إبراهيم مع ابنه أسماعيل، عندما ترك له رسالة مع زوجته، وهي: غير عتبة بابك، ففهم أنه والده يأمره بتطليق زوجته، وكذلك في القرآن في ذكر علاقة الفراش بين الزوجين: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)[البقرة 187]،  يقول ميخائيل نعمة: لكل كلمة أذن، ولعل أذنك ليست لكلماتي، فلا تلمنِ بالغموض. وبعد نزول القرآن وفق ما ألفه العرب من بلاغة وبيان مع العجز عن مماثلته جعلهم يدعون أنه شعر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاعر: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)[الطور 30]، تعالى الله ورسوله عن ذلك علوًّا كبيرًا، (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءآنٌ مُّبِينٌ)[يس 69]، إنما قالوا ذلك لأن الشعر هو أبلغ كلام يعرفونه، وقد قال الوليد بن المغيرة عن القرآن: والله لقدسمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر،وإن أسفله لمغدق، وأنه يعلو ولا يعلى عليه. وقبل أن نكمل: من كلام الوليد بن المغيرة نستخرج فائدة مهمة في جماليات النص الأدبي من يعرفها..؟ الجواب: الروح والمشاعر في النص الأدبي، أو ما يسمى بالنفس في النص الأدبي، فإن القرآن لم يصدر من البشر بل صدر من الله سبحانه وتعالى الكامل في أسمائه وصفاته، لذلك كان القرآن الذي هو كلام الله مختلف عن كلام البشر، فكذلك ينبغي للنص الأدبي أن يكون له روح كاتبه. ومن تأمل السور المكية يجدها قريبة من الشعر وليست كذلك، وذلك للسجع والطباق والمحسنات البديعية التي فيها، ومن ذلك سورة النازعات، تأمل آياتها الموزونة قال تعالى: والنازعات غرقًا – مستفعلن فعولن والناشطات نشطًا - مستفعلن فعولن والسابحات سبحًا - مستفعلن فعولن فالسابقات سبقًا - مستفعلن فعولن وكذلك قوله تعالى: والعاديات ضبحًا - مستفعلن فعولن فالموريات قدحًا - مستفعلن فعولن وتجد السجع فيها ليس متكلفًا بل جاء بكل سهولة ويسر، وكان القرآن أيضًا يحمل معاني ظاهرة ومعاني باطنة، كما كان الشعر مع فارق التشبيه، من الأمثلة: (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ) [الكهف 77]، (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ) [الإسراء 24]، ولما جاء رجل لأبي تمام ومعه وعاء فقال: يا أبا تمام، اسقني من ماء الملامة فإنك تقول: لا تسقني ماء الملامة إنني - صب قد استعذبت ماء بكائيا وكان شعر أبي تمام لا يستهوي فئة من العامة في ذلك الوقت، فقال أبو تمام: حسنًا ولكن الثمن ريشة من جناح الذل، قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ) [الإسراء 24]. وكل القرآن له معنى ظاهر وآخر باطن، لذلك علم ابن عباس بقرب أجل النبي من سورة النصر وهي مدنية ما معناه: (إذا جاء نصر الله والفتح) [النصر 1] هذا فتح مكة، (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) [النصر 2]، وهذه تمام النعمة وتحقيق الوعد لرسول الله، (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا) [النصر 3]، وذلك لتمام نعمته عليك وتحقيق وعده، وليس بعد الكمال إلى النقص، وهذا نعي الرسول وقرب أجله. وقبل أن نكمل: هنا بُعد جمالي آخر للنص الأدبي من يعرفه..؟ الجواب: أن يكون للنص الأدبي معاني ظاهرة ومعاني باطنة، ودلالات لألفاظ والتراكيب اللغوية، بحيث كلما قرأت النص بين فترة وأخرى تجد فيه من الجمال ما لم تكتشفه من قبل، كما هو حال القرآن مع فارق التشبيه، لا يبلى مع كثرة الترداد ولا تنقضي عجائبه، ومن ذلك قول الشاعر مصطفى الجزار: كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة - فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ - سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ ليصفَحوا - واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً - فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرة ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة، واستمر القرآن في النزول، وكانت السور المطولة تحتوي على الأحكام وقصص الأنبياء في الغالب (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)[يوسف 111]، (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)[النساء 164]، وفيها من الحوارات والسرد والوصف والتفاصيل الشيء الكثير. من يستخرج لنا من هذا الكلام بُعد جمالي: الجواب: تنوع الأساليب الأدبية من الوصف والسرد والحوارات والاستفهامات: والسؤال والجواب، وكذلك يساعد في كتابة النص الأدبي وبخاصة القصة والرواية، والمقالة والخاطرة. في الرواية: قصة موسى عليه السلام بجميع تفاصيلها والتي جاءت متفرقه في القرآن، منذ بداية القصة قبل ولادة موسى حيث كان فرعون يقتل الأطفال ويستحيي النساء، إلى ما بعد موسى في قصة طاولت. في القصة: قصة النملة مع نبي الله سليمان، وقصة الهدهد أيضا. في المقالة: قول الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 151 - 152]،تجد أنها قد حوت جميع تعاليم الدين بشكل مختصر وواضح، ثم جاءت الآية التي بعدها لتختصر كل ما في الآيتين: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]. وفي الخاطرة: قول امرأة العزيز: (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ * وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[يوسف: 51 - 53] وفي الخطبة: قول هارون لبني إسرائيل لما فُتنوا بعبادة العجل: (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي)    [طه 90]، وكذلك ما يسمى بخطبة الشيطان: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[إبراهيم 22]، وكذلك قول يوسف لأبيه وإخوته: (هَٰذَاتَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[يوسف 100]. والملاحظ في جميع النصوص الأدبية أنها دائمًا ما تحتوي على معلومات علمية وعاطفة ونتيجة. والمتأمل لسور القرآن يجد أن بعض السورة لها موضوع عام، يندرج تحته موضوعات جزئية، وبعضها تحتوي على موضوعات جزئية متصلة متسلسلة، وقد اهتم بعض المفسرين بذلك فتجده في بداية كل سورة يذكر موضوع السورة أو مواضيعها. من يعرف البعد الجمالي هنا ...؟ الجواب: لابد للنص الأدبي من وحدة موضوعية ومواضيع جزئية تكتمل باكتمالها، أو مواضيع جزئية متصلة متسلسلة يتمكن القراء من خلالها الوصول للمراد من النص الأدبي، واستخراج المعاني الباطنة منه. وهذا القرآن الذي نتعبد الله بتلاوته بإقامة الحروف على وجهها الصحيح عن طريق معرفة مخارج الحروف والتجويد والترتيل حتى يكون محبرًا جميلا، مؤثرا في الأذن والقلب(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)[المزمل 4]، (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[المزمل 4]، وبعض القُراء لجأ إلى تعلم المقامات الموسيقية على خلاف بين العلماء في استخدامها للتلاوة، فتجده يستخدم مقام الصبا والكردي في آيات الوعد والوعيد، والمقام الحجازي مثلا إذا أراد أن يقرأ حدرًا أي بسرعة، وهكذا. أيضا هنا لطيفة جمالية من يعرفها ...؟! الجواب: عند إلقاء النص الأدبي لابد من أن يكون الإلقاء مؤثرًا، فالشعر علم سماعي يعتمد على الأذن وقد اعتمد الخليل بن أحمد علم الموسيقى في بناء علم العروض فحول النوتات الموسيقية إلى مقاطع عروضية، ومن تأمل السلم الموسيقي يجده سبعه، كما أن التفعيلات العروضية لا تتجاوز سبعة، لذلك من المهم الاعتناء بالإلقاء وتغيير نبرة الصوت بحسب معطيات النص. وبذلك أكون قد أنهيت ورقتي في جماليات النص الأدبي معتمدًا على كتاب الله الذي يعتبر أعظم نصٍ أدبيٍ عربيٍ، واستخرجنا منه سوياً الجماليات التالية: 1- بساطة الأسلوب وعدم التكلف. 2- الروح والمشاعر الصادقة. 3- المعاني الظاهرة والمعاني الباطنة. 4- تنوع الأساليب في بناء النص. 5- الوحدة الموضوعية للنص. 6- حسن الإلقاء. وفي الختام:  ما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الحجة والفصاحة والبلاغة والشعر والأدب، وإن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.   أثاب الله كلّ من كانت له بصمة في هذا العمل الفضيل.  وجزيل الشكر والفخر لشاعرنـا، صاحب الوزن والقافيه،  ومُلهِم التذوّق ،صاحب الحرف. - صور للندوة من موقع مبدعنا الشاعر          #ياسر_العتيق       #قروب_رماديات @rmadiat_11 . http://www.assmt.com/ImagesGallaryView-1

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من تعود من صدودك * قصيدة

الإصدارالخامس الفصل الأول

الاصدار السادس الفصل الاول